في يوم من الأيام، كان يعيش ملك ظالم
يأمر الناس بعبادته والسجود له بدلاً من السجود لربهم، وكان عند هذا الملك ساحر
كبير أوشك أن يموت، فطلب الساحر من الملك أن يرسل إليه طفلاً ليعلمه السحر. فلقد
كان الساحر يريد أن يستمر السحر والشر بعد موته، وكان هذا الغلام الصغير يذهب إلى
الساحر كل يوم، ولكنه كان يرى رجلاً كبيرًا في الطريق يعيش في بيت صغير بعيدا عن
الملك والناس يعبد فيه الله، فأحب الغلام هذا الشيخ وكان يجلس معه ويسمع كلامه عن
الله، فأحب الغلام الله، ولكن الساحر كان يضرب الغلام لأنه كان يتأخر عن موعد
الدرس، ولما علم الشيخ ذلك أمر الغلام أن يدعي أن تأخره بسبب أن أهله كانوا
يحتاجون إلى بعض الطلبات، وفي يوم من الأيام رأى الغلام حيوانًا كبيرًا يسد
الطريق، ويمنع الناس من المرور، فعلم أنها فرصة ليعلم الصواب من الخطأ فأخذ حجرًا
صغيرًا وقال: اللهم إن كنت تحب الراهب فاقتل هذا الحيوان ورماه بالحجر فمات، ومنذ
ذلك الوقت أصبح الغلام يعالج الناس من الأمراض.
وذات يوم جاءه رجل أعمي من أصدقاء الملك
بهدايا كثيرة وطلب منه أن يعالجه ويرد عليه بصره، فأخبره الغلام أن الذي يشفي هو
الله، أما هو فيدعوا الله فقط، واشترط عليه أن يؤمن بالله حتى يرد الله عليه بصره
فلما آمن الرجل شفاه الله. ولما علم الملك أن هذا الرجل آمن بالله عذبه وأحضره هو
والشيخ فقتلهما لأنهما رفضا أن يعبداه، وهدد الغلام بأنه سوف يختار له موتةً لا
يحلم بها، فأرسله مع جنوده ليلقوه من فوق الجبل، فتزلزل الجبل ومات الجنود ورجع
الغلام سالمًا. فتغيظ الملك وأرسله مع جنود آخرين ليلقوه في البحر ليغرق. فلما
كانوا في وسط البحر انقلبت السفينة فغرقوا جميعًا، ورجع الغلام سالمًا إلى الملك.
فتعجب الملك من ذلك، فقال له الغلام: لن تستطيع قتلي إلا بعد أن تصنع ما أقول لك،
ولابد أن يكون أهل المدينة كلهم موجودين، وهو أن تأخذ سهمًا مني، وقبل أن ترميني
بالسهم تقول باسم الله رب الغلام. فوافق الملك على ذلك وفعل ما أمره به الغلام
فوقع السهم في خد الغلام فمات الغلام وقال الناس في كل مكان: آمنا برب الغلام. فجن
جنون الملك، وحفر لهم حفرًا كبيرة وأشعل فيها النار ورمى المؤمنين فيها، وكان من
بين المؤمنين امرأة تحمل طفلاً رضيعًا، فتراجعت عن الوقوع في النار خوفًا على
طفلها، وإذا بالطفل الرضيع يقول لها:
أصبري يا أمي إنك على حق، فألقت الأم نفسها في النار ومعها طفلها، فجزاهما الله
وجميع المؤمنين بدخولهم الجنة، وجعل لهم فيها كل ما يحبون.