لبداية والنهاية الجزء
الاول
الجزء الأول
*2* بسم الله الرحمن
الرحيم
@ الحمد لله الأول
الآخر الباطن الظاهر الذي هو بكل شيء عليم الأول فليس قبله شيء الآخر فليس بعده
شيء الظاهر فليس فوقه شيء الباطن فليس دونه شيء الأزلي القديم الذي لم يزل موجودا
بصفات الكمال ولا يزال دائما مستمرا باقيا سرمديا بلا انقضاء ولا انفصال ولا زوال
يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء وعدد الرمال وهو
العلي الكبير المتعال العلي العظيم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا
ورفع السموات بغير عمد وزينها بالكواكب الزاهرات وجعل
فيها سراجا وقمرا منيرا وسوى فوقهن سريرا شرجعا عاليا منيفا متسعا مقبيا مستديرا
وهو العرش العظيم له قوائم عظام تحمله الملائكة الكرام وتحفه الكروبيون عليهم
الصلاة والسلام ولهم زجل بالتقديس والتعظيم وكذا أرجاء السموات مشحونة بالملائكة
ويفد منهم في كل يوم سبعون ألفا إلى البيت المعمور بالسماء الرابعة لا يعودون إليه
آخر ما عليهم في تهليل وتحميد وتكبير وصلاة وتسليم
ووضع الأرض للأنام على تيار الماء وجعل فيها رواسي من
فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها
في أربعة أيام قبل خلق السماء وأثبت فيها من كل زوجين
اثنين دلالة للالباء من جميع ما يحتاج العباد إليه في شتائهم وصيفهم ولكل ما
يحتاجون إليه ويملكونه من حيوان بهيم
وبدأ خلق الإنسان من طين وجعل نسله من سلالة من ماء
مهين في قرار مكين فجعله سميعا بصيرا بعد أن لم يكن شيئا مذكورا وشرفه بالعلم
والتعليم خلق بيده الكريمة آدم أبا البشر وصور جنته ونفخ فيه من روحه وأسجد له
ملائكته وخلق منه زوجه حواء أم البشر فأنس بها وحدته وأسكنها جنته وأسبغ عليهما
نعمته ثم أهبطهما إلى الأرض لما سبق في ذلك من حكمةالحكيم وبث منهما رجالا كثيرا
ونساء وقسمهم بقدره العظيم ملوكا ورعاة وفقراء وأغنياء وأحرارا وعبيدا وحرائر وإماء
وأسكنهم أرجاء الأرض طولها والعرض وجعلهم خلائف فيها يخلف البعض منهم البعض إلى
يوم الحساب والعرض على العليم الحكيم وسخر لهم الأنهار من سائر الأقطار تشق
الأقاليم إلى الأمصار ما بين صغار وكبار على مقدار الحاجات والأوطار وأنبع لهم
العيون والآبار وأرسل عليهم السحائب بالأمطار فأنبت لهم سائر صنوف الزرع والثمار
وآتاهم من كل ما سألوه بلسان حالهم وقالهم وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن
الإنسان لظلوم كفار فسبحان الكريم العظيم الحليم وكان من أعظم نعمه عليهم وإحسانه
إليهم بعد أن خلقهم ورزقهم ويسر لهم السبيل وأنطقهم أن أرسل رسله إليهم وأنزل كتبه
عليهم مبينة حلاله وحرامه وأخباره وأحكامه وتفصيل كل شيء في المبدإ والمعاد إلى
يوم القيامة
فالسعيد من قابل الأخبار بالتصديق والتسليم والأوامر
بالإنقياد والنواهي بالتعظيم ففاز بالنعيم المقيم وزحزح عن مقام المكذبين في
الجحيم ذات الزقوم والحميم والعذاب الأليم
أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه يملأ أرجاء السموات
والأرضين دائما أبد الآبدين ودهر الداهرين إلى يوم الدين في كل ساعة وآن ووقت وحين
كما ينبغي لجلاله العظيم وسلطانه القديم ووجهه الكريم وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له ولا ولد له ولا والد له ولا صاحبة له ولا نظير ولا وزير له ولا
مشير له ولا عديد ولا نديد ولا قسيم
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله المصطفى من
خلاصة العرب العرباء من الصميم خاتم الأنبياء وصاحب الحوض الأكبر الرواء صاحب
الشفاعة العظمى يوم القيامة وحامل اللواء الذي يبعثه الله المقام المحمود الذي
يرغب إليه فيه الخلق كلهم حتى الخليل إبراهيم صلى الله عليه وعلى سائر أخوانه من
النبيين والمرسلين وسلم وشرف وكرم أزكى صلاة وتسليم وأعلى تشريف
وتكريم ورضي الله عن جميع أصحابه الغر الكرام السادة النجباء الأعلام خلاصة العالم
بعد الأنبياء ما اختلط الظلام بالضياء وأعلن الداعي بالنداء وما نسخ النهار ظلام
الليل البهيم
أما بعد فهذا الكتاب أذكر فيه بعون الله وحسن توفيقه
ما يسره الله تعالى بحوله وقوته من ذكر مبدإ المخلوقات من خلق العرش والكرسي
والسموات والأرضين وما فيهن وما بينهن من الملائكة والجان والشياطين وكيفية خلق
آدم عليه السلام وقصص النبيين وما جرى مجرى ذلك إلى أيام بني إسرائيل وأيام
الجاهلية حتى تنتهي النبوة إلى أيام نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه فنذكر
سيرته كما ينبغي فتشفي الصدور والغليل وتزيح الداء عن العليل ثم نذكر ما بعد ذلك
إلى زماننا ونذكر الفتن والملاحم وأشراط الساعة ثم البعث والنشور وأهوال القيامة
ثم صفة ذلك وما في ذلك اليوم وما يقع فيه من الأمور الهائلة ثم صفة النار ثم صفة
الجنان وما فيها من الخيرات الحسان وغير ذلك وما يتعلق به وما ورد في ذلك من
الكتاب والسنة والآثار والأخبار المنقولة المعتولة عند العلماء وورثة الأنبياء
الآخذين من مشكاة النبوة المصطفوية المحمدية على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام