وقد قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده وجدت في كتاب
عن محمد بن معاوية البغدادي حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر عن سهيل بن أبي
صالح عن أبيه عن أبي هريرة رفعه قال كلم الله هذا البحر الغربي وكلم البحر الشرقي
فقال للغربي أني حامل فيك عبادا من عبادي فكيف أنت صانع بهم قال أغرقهم قال بأسك
في نواحيك وحرمه الحلية والصيد وكلم هذا البحر الشرقي فقال إني حامل فيك عبادا من
عبادي فما أنت صانع بهم قال أحملهم على يدي وأكون لهم كالوالدة لولدها فأثابه
الحلية والصيد ثم قال لا تعلم أحدا ما رواه عن سهيل إلا عبدالرحمن بن عبدالله بن
عمر وهو منكر الحديث قال وقد رواه سهيل عن عبدالرحمن بن أبي عياش عن عبدالله بن عمرو موقوفا قلت الموقوف على عبدالله بن عمرو بن العاص أشبه فإنه قد كان وجد يوم اليرموك ذا
ملتين مملوءتين كتبا من علوم أهل الكتاب فكان يحدث منهما بأشياء كثيرة من
الإسرائيليات منها المعروف والمشهور والمنكور والمردود فأما المعروف فتفرد به
عبدالرحمن بن عبدالله بن عمرو بن حفص
بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو القاسم المدني قاضيها قال فيه الإمام أحمد ليس بشيء
وقد سمعته منه ثم مزقت حديثه كان كذابا وأحاديثه مناكير وكذا ضعفه بن معين وأبو
زرعة وأبو حاتم والجوزجاني والبخاري وأبو داود والنسائي وقال ابن عدي عامة أحاديثه
مناكير وأفظعها حديث البحر .
قال علماء التفسير المتكلمون على العروض والأطوال
والبحار والأنهار والجبال والمساحات وما في الأرض من المدن والخراب والعمارات
والأقاليم السبعة الحقيقية في اصطلاحهم والأقاليم المتعددة العرفية وما في البلدان
والأقاليم من الخواص والنباتات وما يوجد في كل قطر من صنوف المعادن والتجارات
قالوا الأرض مغمورة بالماء العظيم إلا مقدار الربع منها وهو تسعون درجة والعناية
الالهية اقتضت انحسار الماء عن هذا القدر منها لتعيش الحيوانات عليها وتنبت الزرع
والثمار منها كما قال تعالى ( والأرض وضعها للأنام فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام
والحب ذو العصف والريحان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) قالوا المعمور من هذا البادي
منها قريب الثلثين منه أو أكثر قليلا وهو خمس وتسعون درجة قالوا فالبحر المحيط
الغربي ويقال له أوقيانوس وهو الذي يتاخم بلاد المغرب وفيه الجزائر الخالدات
وبينها وبين ساحله عشر درج مسافة شهر تقريبا وهو بحر لا يمكن سلوكه ولا ركوبه
لكثرة موجه واختلاف ما فيه من الرياح والأمواج وليس فيه صيد ولا يستخرج منه شيء
ولا يسافر فيه لمتجر ولا لغيره وهو آخذ في ناحية الجنوب حتى يسامت الجبال القمر
ويقال جبال القمر التي منها أصل منبع نيل مصر ويتجاوز خط الإستواء ثم يمتد شرقا
ويصير جنوبي الأرض وفيه هناك جزائر الزابج وعلى سواحله خراب كثير ثم يمتد شرقا
وشمالا حتى يتصل بحر الصين والهند ثم يمتد شرقا حتى يسامت نهاية الأرض الشرقية
المكشوفة وهناك بلاد الصين ثم ينعطف في شرق الصين إلى جهة الشمال حتى يجاوز بلاد
الصين ويسامت سد يأجوج ومأجوج ثم ينعطف ويستدير على أراضي غير معلومة الأحوال ثم
يمتد مغربا في شمال الأرض ويسامت بلاد الروس ويتجاوزها ويعطف مغربا وجنوبا ويستدير
على الأرض ويعود إلى جهة الغرب وينبثق من الغربي إلى متن الأرض الزقاق الذي ينتهي
أقصاه إلى أطراف الشام من الغرب ثم يأخذ في بلاد الروم حتى يتصل بالقسطنطينية
وغيرها من بلادهم وينبعث من المحيط الشرقي بحار أخر فيها جزائر كثيرة حتى إنه يقال
إن في بحر الهند ألف جزيرة وسبعمائة جزيرة فيها مدن وعمارات سوى الجزائر العاطلة
ويقال لها البحر الأخضر فشرقيه بحر الصين وغربيه بحر اليمن وشماله بحر الهند
وجنوبيه غير معلوم .
وذكروا أن بين بحر الهند وبحر الصين جبالا فاصلة بينهما
وفيها فجاج يسلك المراكب بينها يسيرها لهم الذي خلقها كما جعل مثلها في البر ايضا
قال الله تعالى وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بكم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلكم
تهتدون وقد ذكر بطليموس أحد ملوك الهند في كتابه المسمى بالمجسطي الذي عرب في زمان
المأمون وهو أصل هذه العلوم أن البحار المتفجرة من المحيط الغربي والشرقي والجنوبي
والشمالي كثيرة جدا فمنها ما هو واحد ولكن يسمى بحسب البلاد المتاخمة له فمن ذلك
بحر القلزم والقلزم قرية على ساحله قريب من أيلة وبحر فارس
وبحر الخزرة وبحر ورنك وبحر الروم وبحر بنطش وبحر الأزرق مدينة على ساحله وهو بحر
القرم أيضا ويتضايق حتى يصب في بحر الروم عند جنوبي القسطنطينية وهو خليج
القسطنطينية ولهذا تسرع المراكب في سيرها من القرم إلى بحر الروم وتبطيء إذا جاءت
من الإسكندرية إلى القرم لاستقبالها جريان الماء وهذا من العجائب في الدنيا فإن كل
ماء جار فهو حلو إلا هذا وكل بحر راكد فهو ملح أجاج إلا ما يذكر عن بحر الخزر وهو
بحر جرجان وبحر طبرستان أن فيه قطعة كبيرة ماء حلوا فراتا على ما أخبر به
المسافرون عنه .
قال أهل الهيئة وهو بحر مستدير الشكل إلى الطول ما هو
وقيل إنه مثلث كالقلع وليس هو متصلا بشيء من البحر المحيط بل منفرد وحده وطوله
ثمانمائة ميل وعرضه ستمائة وقيل أكثر من ذلك والله أعلم
.
ومن ذلك البحر الذي يخرج منه المد والجزر عند البصرة
وفي بلاد المغرب نظيره أيضا يتزايد الماء من أول الشهر ولا يزال في زيادة إلى تمام
الليلة الرابعة عشر منه وهو المد ثم يشرع في النقص وهو الجزر إلى آخر الشهر وقد
ذكروا تحديد هذه البحار ومبتداها ومنتهاها وذكروا ما في الأرض من البحيرات
المجتمعة من الأنهار وغيرها من السيول وهي البطائح
.
وذكروا ما في الأرض من الأنهار المشهورة الكبار
وذكروا ابتداءها وانتهاءها ولسنا بصدد بسط ذلك والتطويل فيه وإنما نتكلم على ما
يتعلق بالأنهار الوارد ذكرها في الحديث وقد قال الله تعالى ( الله الذي خلق
السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك
لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم
الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان
لظلوم كفار ) ففي الصحيحين من طريق قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر سدرة المنتهى قال فإذا يخرج من أصلها نهران
باطنان ونهران ظاهران فأما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات وفي
لفظ في البخاري وعنصرهما أي مادتهما أو شكلهما وعلى صفتهما ونعتهما وليس في الدنيا
مما في الجنة إلا سماوية وفي صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمر عن خبيب بن
عبدالرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيحان
وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة .